أركان المسؤولية المدنيه في القانون المدني

لا شك أن قيام الشخص بفعل لا يبيحه القانون أو امتناعه عن فعل يلزم القيام به سواء بنفسه أو من طرف الأشخاص أو الأشياء التي له سلطة عليها يترتب عنه ضرر يصيب الغير، مما يكون معه ذلك الشخص مسؤولا عن التبعات. ويسمى ذلك في قواعد القانون المدني بالمسؤولية المدنية، وهي تكون إما مسؤولية عقدية ناشئة بموجب علاقة تعاقدية بين طرفين أو أكثر، وإما مسؤولية تقصيرية ناتجة عن فعل ضار ليس الاتفاق العقدي مصدرا له.

تنص المادة 199 من القانون المدني على أن “كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض”، ومن هذا المنطلق يحق لكل من تضرر بسبب خطأ شخص آخر أن يقيم دعوى أمام المحكمة المختصة يطالب فيها المتسبب في ذلك بأن يؤدي له تعويضا يجبر الضرر الحاصل له والخسائر التي تكبدها والكسب الذي فاته، والمسؤولية المدنية سواء كان مصدرها الاتفاق أو الفعل غير المشروع أو غير ذلك تقوم على أركان ثلاثة مرتبطة بها وجودا وعدما، هي:

1. الخطأ

وهو الإخلال بواجب قانوني أو تعاقدي أو طبيعي يرتكبه المسؤول عن الضرر مع إدراكه أن سلوكه ذلك يعد انحرافا عن التصرف العادي، كأن ينجز مقاول الأشغال المسندة إليه على وجه مخالف لما تم الاتفاق عليه، أو أن يمتنع رب العمل عن صرف أجور عماله، أو أن يترك شخص السيارة التي بعهدته في الطريق العام.

2.الضرر

وهو الأذى الفعلي الذي يصيب الشخص في حق من حقوقه أو في مصلحة مشروعة له ويكون إما ماديا ينال من مصلحة ملموسة للشخص مثل خسارة التاجر صفقة معينة بسبب عدم تسليم بائع الجملة للبضائع في الميعاد المتفق عليه، وإما معنويا أدبيا يتمثل في الاعتداء على جانب غير مادي لمصلحة المتضرر كأن يتم المساس بسمعة الشركة بسبب تقصير المورد في شحن البضائع خلال موعدها.

وقد استقرت محكمة التمييز على أن الضرر الموجب للمسؤولية المدنية “يجب أن يكون ضررا محققا بمعنى أن يكون قد وقع أو أنه سيقع حتماً. أما الضرر الاحتمالي غير المحقق الوقوع فإن التعويض لا يستحق عنه إلا إذا وقع فعلا” (الطعن رقم 47 لسنة 2010 – تمييز مدني – جلسة 04/05/2010).

3.علاقة السببية بين الخطأ والضرر

  وهذا هو المعيار المحدد لقيام المسؤولية المدنية وانتفائها، بحيث لا تلقى المسؤولية على الشخص إلا إذا كان تصرفه الخاطئ هو المتسبب في الضرر الحاصل، كأن يقع شخص ضحية حادث سير بسبب رعونة وعدم تبصر سائق المركبة، أو أن يتكبد صاحب العمل خسائر مادية فادحة بسبب تقصير مباشر من أحد موظفيه.

فإذا اجتمعت عناصر المسؤولية المدنية الثلاثة جاز للمتضرر أن يلجأ إلى القضاء من أجل المطالبة بتعويض يعادل قيمة الضرر اللاحق به شريطة أن يقدم للمحكمة ما يثبت به ادعاءاته بشأن الخطأ والضرر والعلاقة السببية بينهما، تطبيقا لمقتضيات المادة 211 من قانون المرافعات المدنية والتجارية التي أقرت أنه: “على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين التخلص منه”، وإعمالا لما استقرت عليه محكمة التمييز بأن: “عبء إثبات الضرر الموجب للتعويض يقع على عاتق المضرور” (الطعن رقم 210 لسنة 2013 – تمييز مدني – جلسة 10/12/2013).